في مشهد سياسي ينتظر فيه الموريتانيون حلولًا عملية للقضايا الكبرى التي تشغل الرأي العام، عاد الحوار الوطني إلى الواجهة هذا الأسبوع مع تصريحات لافتة أطلقها رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية، السيد حمادي ولد سيدي المختار، في مؤتمر صحفي عقده الجمعة (13 يونيو 2025) بمقر المؤسسة بنواكشوط.
في كلمته أمام الصحفيين، شدد ولد سيدي المختار على أن المعارضة الموريتانية ليست مجرد ضيف أو مكمل للصورة العامة للحوار، بل شريك وطني جاد يسعى لأن يكون له دور أصيل في إنجاح هذا المسار المصيري.
وقال بالحرف: “لن نقبل بأن يتحول الحوار إلى واجهة شكلية تخفي غياب الإرادة السياسية الحقيقية. نحن مستعدون، لكن بشروط تضمن المصداقية والجدية.”
بهذه اللهجة الصريحة، وضعت مؤسسة المعارضة ما يمكن اعتباره خارطة طريق للثقة:
• ضرورة حياد المشرفين والمنسقين (في إشارة إلى موسى فال وفريقه).
• ضمان شمولية التمثيل السياسي والمجتمعي دون إقصاء.
• وضع آليات واضحة وشفافة لمتابعة وتنفيذ مخرجات الحوار.
الحوار الوطني ومساره
الحوار الوطني الذي أُعلن عن مساره قبل أشهر، بدعوة من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، يعلّق عليه الموريتانيون آمالًا عريضة: تسوية ملفات شائكة مثل الإرث الإنساني، محاربة العبودية، تعزيز التماسك الاجتماعي، إصلاح النظام الانتخابي، مكافحة الفساد، ودعم التعايش السلمي.
لكن هذه الآمال تصطدم، حتى الآن، بحاجز الريبة: هل هناك إرادة سياسية صادقة لتجاوز الحساسيات؟ وهل ستكون مخرجات الحوار ملزمة فعلًا لكل الأطراف أم ستبقى توصيات جميلة على الورق؟
لم يكتفِ رئيس مؤسسة المعارضة بطرح المطالب السياسية، بل وسّع إطار النقاش ليشمل قضايا مجتمعية ملحّة:
• ظاهرة الإلحاد وما تمثّله من تهديد لقيم المجتمع.
• انتشار المخدرات بين الشباب.
• تحديات الهجرة غير النظامية.
• آثار موسم الأمطار على المدن الهشة.
بهذا الطرح، أراد ولد سيدي المختار أن يُذكّر بأن الحوار الوطني ليس مجرد جدل سياسي بين نخب، بل ينبغي أن يكون منصة حقيقية لمعالجة وجع الناس ومخاوفهم اليومية.
اليوم، يترقب الموريتانيون خطوات عملية:
• متى يبدأ الحوار الفعلي؟
• هل ستضمن الحكومة حيادية تامة؟
• ما هو مصير الملفات الكبرى التي أرهقت الدولة والمجتمع لعقود؟
في المقابل، يدرك الشارع أن الوقت ليس في صالح البلاد: فالتحديات الداخلية تتزايد، والمتغيرات الإقليمية والدولية تضيق هوامش المناورة.
الحوار الوطني في موريتانيا يقف عند منعطف حساس. فإما أن يُنجَز بمنطق الشراكة والمسؤولية التاريخية، أو يُضاف إلى قائمة المبادرات التي لم تغادر قاعات الفنادق أو وثائق الأرشيف.
يبقى الرهان الأكبر على مدى جدية الدولة والمعارضة معًا، في التقاط لحظة وطنية يحتاجها الجميع قبل فوات الأوان.
جريدة الإعلام العدد 241 الصادر اليوم 17/06/2025