داوود جا : التكريم الأكثر فخرا لي هو القلوب التي حصدتها (مقابلة)

ثلاثاء, 09/22/2020 - 16:13

الإعلام نت - أهلا وسهلا بكم قراءنا الكرام في هذا اللقاء التي أجرته وكالة الإعلام مع الشاعر والإعلامي داوود أحمد تيجاني جا والذي تطرقنا فيه لعدة محاور تتابعونها كالتالي:
 
- أرحب بك أستاذ داوود ويا حبذا لو بدأنا معك من السؤال ، عرفنا داوود المدرس ، وداوود الإعلامي وداوود الشاعر فلم استبد الشاعر بالبقية.. ؟؟

 

-أهلا وسهلا صديقي،في الحقيقة يبدو لي هذا السؤال مدهشا للغاية لما يتيحُه من أبهاءَ شعرية. فالحديث عن الشعر هو غاية قصوى يتوق لها كل شاعر،إذن "دعونا نتحدث في الأدب،أو نتعلم الحديث فيه" كما يقول ماركيز! 
الشاعرُ طاغٍ لا محالة على المهنتين اللتين ذكرتَ ،والسبب بسيط جدا هو أنَني في المهنتين باحث عن لقمةِ عيشٍ في وطن لا يوفر رغيفا للمبدعين ،وفي الشعر أقدمُ وطنا من المجازِ سكانه الفقراء والمتسولين وحتى اللصوص ،وطنًا أحترق كثيرا لأضيئ أخبية المنسيينَ ،أفلا يستحق هذا المندلعُ من أجل الناس أن يتغلب على ذلك الباحث لنفسه عن رزق؟
ثم إنني متفرغ للشعر وليس للمهنتين ،وأمارسهما كي أبقى شاعرا ولا أموت!!

 

- متى كانت بدايتك مع الشعر وما أول نص كتبته.. ؟؟

 

-لا أذكر بالتحديد متى ،ولكنني لم أولد شاعرا كما يزعم أغلب الشعراء!!
ولا أذكر نصي الأول أيضا!!

 

- كيف يمكن أن نصنف داوود في مدارس الشعر وما هي المدرسة التي يجد داوود نصوصه منطلقة من مبادئها.. ؟؟

 

-الشعر يا صديقي صار أشسعَ من الانتماء المدرسي أو حتى الٱيديولوجي ،فالحداثة الشعرية اقترحت شيئا غير ذلك،لقد اقترحت نصا إنسانويا ،كونيا مفتوحا على صداعات العالم ومواجعه !
تخيل وجود مدرسة شعرية في ظل أزمة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره ،هذه المدرسة ستضطر أن تأخذ موقفا من الأزمة بغض النظر عن طبيعته،أما الشاعر الحر فليس مطالبا باتخاذ أي موقف ،لأنه جزء من هذا العالم الموبوء ويمثله المرضى بشتى انتماءاتهم .
هذه هي وظيفة الحداثة ،ووظيفة الشعر!

 

- توجد في نصوص داوود مسحة صوفية وأخرى فلسفية كما توجد لديه مسحة ماجنة ، كيف استطاع داوود أن يجمع هذه النقائض في شعره.. ؟؟

 

-المسحة الماجنة..! (يضحك) .. هذه دعابة صديق ليس إلا، وأنا بريئ منها.
أما الجمع بينها فليسَ سوى استدعاءٍ لاواعٍ و واعٍ لقراءاتٍ شملت الحقول المعرفية بشتاها (تصوفا،وفلسفة،وعلما ،وتاريخا وحضارة)
الشاعر يجب أن يكون مثقفا بحجم المتنبي ،واللغة وحدها غير كافية لخلق فضاءات شعرية ورؤى جديدة ،فليس بدٌ من الاحتكاك المعرفي والتجربة الإنسانية!

 

-ما هو النص الذي كتبته ، وماهو النص الذي كتبك.. ؟؟

 

-كل نصوصي أنا الذي كتبها وبوعيي المعرفي والإنساني ،أنا هذه المحاولة المكشوفة لمداراة فشل الشاعر ،أو محاولة إعطائه صفة النبوة والوحي بالقول (هذا النص كتبني)
ليس بمقدور النص كتابة الشاعر،الشاعر عليه أن يكتب نصه وكما يقول البارودي:
"وإن يك موسى أبطل السحر مرة
فذلك عصر المعجزات وذا عصر"
ليس هذا عصر الوحي الشعري ،إنه عصر العقل والكدح المعرفي والكتابة الواعية بمفاهيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية والحريات!

 

-ديوانك صدر موخرا فمتى سيبدأ توزيعه وما الذي أخر ذلك.. ؟؟

 

-باختصار ظروف الكورونا أخرت ذلك ،والديوان سيجرى له حفل التوقع في الثاني من تشرين الأول (اكتوبر) الموافق ليوم الجمعة وسأعلن عن تفاصيل النشاط في الوقت المناسب

 

-ما أبرز ما يميز هذا الديوان في نظرك ، وماذا يمثل لك كقارئ وليس كشاعر.. ؟؟

 

-أبرز مايمثله هو أنه اندهاشتي الأولى ووعي الأول بالأشياء،وعيي بكوني سأصبح شاعرا !
أما ما يمثله لي كقارئ فإن هذا الديوان هو باكورة تجربة الشاعر داوود وقد تجاوزه كثيرا في نصوصه الجديدة!

 

-شاركت في عشرات المهرجانات داخليا وخارجيا ، فمن هو الجمهور الذي يجد داوود نفسه بداخله ، ويعتبر أن رسالته وصلته.. ؟؟

 

-أجد نفسي في جمهور الشعر بغض النظر عن المكان الذي أزوره،أو يوجد فيه..
لا أشعر بأية غربة حين أقف على منصة وأجد أمامي تلك الملامح الهاربة من اليومي باحثة عن الشعر في ملامحي ،ليس هنالك فرق بين الموريتاني الضالع في كينونتي والباحث فيها عن قصيدة تنسيه صداعاته ومشاغله،وبين خليجي ضالع في كينونتي أيضا ،كلاهما عاشق للشعر ،وكلاهما أحبه وأجد ذاتي فيه.

 

-حصلتم على الكثير من التكريمات فما هو التكريم الأكثر فخرا لكم في نظركم الخاص.. ؟؟

 

-التكريم الأكثر فخرا لي هو هذه القلوب التي حصدتها أي (الجمهور)

 

-شعر المديح ونصوص الابتهالات تمثل علامة في انتجاكم الشعري فما هو سبب ذلك.. ؟؟

 

-أعتقد أن طبيعة نشوئي في بيئة صوفية قد تكون سبب دنوي العارم من كل ماهو روحانيِ وداعٍ للصفاء والتأمل هذا بالإضافة إلى مكانة محمد صلى الله عليه وسلم التاريخية والقدسية في أفئدتنا نحن المسلمين .
كل هذا قد يكون مغرٍ لدخول حضرة الأنوار هذه:
حضرة القدس عند محق سواها
لا سواها يا من يريد لقاها

 

-توجد لمسة واضحة لثقافة البولار في انتاجكم الشعري فهل يوجد لشعركم متلقون ابولار من غير الناطقين بالعربية.. ؟؟

 

-أجل هنالك متلقون لشعري من البولار ،ضليعون باللغة مثلي تماما ويجدون ذواتهم في كتاباتي الشعرية والنثرية،إنهم يتحسسون أجسادهم، وقراهم،وأنهار فوتا تورو يتحسسون بقلوبهم في نصوصي.

 

-من هو الشاعر وماهو الشعر في نظر داوود الثائر.. ؟؟

 

-الشاعر: ليسَ بذلكَ التعقيد،إنه مجرد إنسانٍ يحمل على كاهله أضرحةً، ونوافيرَ، وقرى ومدنا ويخبئ في رأسه صداعات الٱخرين!
الشعر :وطن مجازي للغرباء والنازحيين وسجناء الرأي الهاربين من ليلِ السجون المعتمة

 

-ما أحب قصائد داوود إليه ، وما هي أجمل ثلاثة أبيات فيها ؟؟

 

-حين أصل إلى الإجابة عن هذا السؤال سأتخلى كليا عن الشعر(فالشعر وعد لا يمكن إنجازه)!
وليس من حقي المفاضلة بين نصوصي إلا حين أقرر أنني سأكتفي بهذا المقدار ولن أكتب جديدا

 

-كلمة أخيرة تريد أن توجهها كشاعر لجمهوره.. ؟؟

 

-ستكون شعرا مع شكري لموقعكم على هذه السانحة وهذه الأسئلة المستفزة والمغرية في زمن صحافة الميكاب واملاحف كاز والأسئلة المهترئة واللاهثة:

هذا العروج إلى مقام اللهِ 
كالشِعر... متسِع ولا متناهي!
كمْ فيه أدمنتِ اندلاقيَ خمرةً
أنثى  وشتْ بهسيسنا المتماهي 
ضجتْ...لنغرقَ في احتشادِ لذاذةٍ
كبرى...ونبدأ رحلةَ استكناهِ
ها نحن ذُبنَا في الصلاةِ لوهلةٍ
جسدينِ منغرزينِ ....همسَ شِفاهِ
نتلو تعاويذَ العرايا كلما...
تاقتْ أخاديدٌ لفيضِ مياهِ

 

-جميل جدا ، وأشكرك جزيلا أستاذ داوود احمد التجاني جا وأرجو لك أوقاتا ممتعة.