
الإعلام نت - أزويرات مدينة المناجم، هكذا يطلقون عليها، ففي المدينة يقع شريان الحياة في الشمال الموريتاني، ودولة داخل الدولة ، الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) البقرة الحلوب التي ظل مختلف الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد يحتلبونها دون أن ينضب لها ضرع أويجف لها معين.
بعد الضربات الموجعة التي تلقتها خلال العشرية الماضية حيث زَجّ الحكم الماضي بالشركة في أنشطة وتخصصات بعيدة عن مجال عملها التقليدي، كما تم استنزاف احتياطها النقدي في صفقات لاتمت لمجالها بأي صلة وتم تمويل شركة إنشاء المطار على عاتقها في قصة مشهورة قيد التحقيق القضائي الآن، إلا أن الإدارة الحالية القائمة على تسيير الشركة العملاقة ومع بداية وصولها بدأ المراقبون يلاحظون تحسنا بطيئا على أداء الشركة وتطويرها عززه الأرتفاع الصاروخي لأسعار الحديد الذي وصل خامه إلى 160 دولارا للطن، وأصبح العمال والقائمون على الملفات الاقتصادية يحسون بانفراجة جديدة، وحسب الخطة الحالية التي أعلنت عنها الإدارة فإنه بعد أربعة سنوات ستكون شركة "SNIM" خامس أكبر منتج للحديد في العالم، مع العلم ان الشركة العملاقة تساهم ب 80% تقريبا من ميزانية موريتانيا.
ولم تكن اسنيم يتيمة في عالم المناجم الذي تحتضنه ولاية تيرس زمور ، ففي عاصمة الولاية المنجمية يقع مقر رئيسي لشركة وليدة تسمى "معادن موريتانيا"، والتي تشكل هي الأخرى قصة أكبر من أختها، ففي المدة مابين شهري يناير ويونيو من السنة الجارية وبعد إغلاق الحدود بسبب جائحة كورونا وصل حجم المبالغ التي دفعها البنك المركزي مايربو على ثمانين مليار أوقية، للعاملين في قطاع التنقيب السطحي عن الذهب والذي أنشئت الشركة المذكورة لتنظيمه، ومن المتوقع أن تكون مداخليها من الإتاوات والرخص المفروضة على العاملين في القطاع مبالغ خيالية، حيث وصل عدد السيارات التي تم ترخيص الشركة لها لممارسة التنقيب السطحي في منطقة "الشگات" وحدها أعدادا تقدر بالآلاف فيما تجاوز عدد الأشخاص الذين تم الترخيص لهم في المنطقة المذكورة مايربو على 25 ألف، هذا فضلا عن الآلاف من العاملين في مناطق أخرى من نفس الولاية.
ورغم وجود العملاقين على أرض الولاية المنجمية بامتياز، ففي الضفة الأخرى من عالم أزويرات يقع حيا من أحياء الصفيح البائسة الفقيرة لايبعد سوى عدد من الأمتارا من "جبل الحديد" وشركة الذهب، الأمر الذي يشكل وقعه ألما لا متناهيا على ساكنة الحي المذكور، فهل يعقل أن تمول مدينة دولة بأكملها، في نفس الوقت الذي يقبع في نفس المدينة حيا كاملا يعيش على هامش الحياة دون مأوى أو موارد تضمن له عيشا كريما.. ؟!
خلال الأشهر الماضية ومع بداية استغلال الذهب السطحي وإنشاء مصانع التصفية التي تسخدم مادة "اسيانيد" المسرطنة، ناضل العشرات من نشطاء المدينة كي يتم إبعاد المصانع الخطيرة عنهم، ورغم استجابة الدولة لهم بعد طول انتظار ونصيب معتبر من القمع والاعتقال، إلا أن النشطاء يؤكدون أن بعض تلك المصانع مازال يمارس عمله تحت يافطة النفوذ الشخصي للبعض، ويتسائل أحدهم، هل كتب على سكان أزويرات أن تستنزف ثرواتهم من قبل الآخرين ، فيما يترك لسكان المدينة فقط غبار اسنيم وإشعاعات مادة اسيانيد ومساكن من الصفيح تنعدم فيها متطلبات العيش الكريم.. ؟!






.jpg)



