
اشتكت أسماء ابنة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، اليوم الجمعة، من ظروف اعتقال والدها داخل مقر احتجازه في إدارة الأمن، وهي الشكوى التي كررها محامو الرئيس الموجود منذ أيام قيد الاعتقال على ذمة التحقيق في ملف أحاله البرلمان للنيابة قبل أسابيع.
وأكدت بنت عبد العزيز، وهي مشمولة مع زوجها في ملف الفساد، أن “والدها محتجز داخل زنزانة صغيرة (4 متر مربع) مجهزة بسرير متقادم ومن دون أي تكييف، رغم ارتفاع درجة الحرارة بنواكشوط وانتشار البعوض”.
وأوضحت، في تصريحات نقلتها مصادر اعلامية، أن “والدها الرئيس السابق لا يتوفر في معتقله على مرحاض خاص به”.
وأشارت أسماء بنت عبد العزيز إلى “أن والدها يخضع للإزعاج المستمر ليلاً، بغية منعه من النوم، وأن الأجواء العامة داخل معتقله بالغة السوء”.
وسبق للنيابة أن أكدت في بيان حول هذه القضية “أن جميع الحقوق المقررة في القوانين للمشتبه بهم تم تمكينهم منها على قدم المساواة، ودون تمييز، بما فيها حق اللقاء مع المحامين في ظروف تكفل سرية اللقاء وتضمن حق الدفاع”، مشددة على “أن حق المحامي في مؤازرة موكليه أمام الضبطية القضائية لا تعني بالضرورة الإشراك في عمليات البحث التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية، طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية”.
وأوضحت النيابة العامة “أن المادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية لا تحدد آجالاً معينة لاستدعاء ضابط الشرطة القضائية للأشخاص الذين يود الاستماع لهم” مبرزة “أن كل الإجراءات التي اتخذت في البحث الجاري جرت وفق القوانين المعمول بها، وتمت بانسيابية وفي ظروف عادية”.
وأكدت “أنه في إطار البحث الابتدائي الذي تباشره مديرية مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، بموجب تكليف من النيابة العامة، بناء على نتائج التحقيق البرلماني، استدعت المديرية، (الإثنين الماضي) أحد المشتبه بهم، (إشارة للرئيس السابق ولد عبد العزيز) بعد استدعاء عدد آخر منهم، طبقاً لمقتضيات المواد 55 ـ 67 ـ 68 من قانون الإجراءات الجنائية”.
وأوضحت “أن المشتبه به حضر بنفسه، وتم إبلاغه بجميع حقوقه القانونية، بما في ذلك إخبار أسرته بوضعه القانوني وتمكينهم من حق زيارته”.
ويواصل محققو شرطة الجرائم المالية والاقتصادية منذ أربعة أيام تحقيقات مع الرئيس السابق حول ملف أحاله البرلمان للنيابة ويشتمل على قضايا فساد مالي مرتكبة في ظل حكمه لموريتانيا ما بين عامي 2009 و2019.
ويواصل الرئيس السابق امتناعه عن التصريح للمحققين والرد على أسئلتهم كما يمتنع عن التوقيع على أي محضر يقدمونه إليه بعد أن أكد في أول جلسة تحقيق أن المختص بمحاكمته هو محكمة العدل السامية وحدها.
وإلى جانب ملف أمني حتى الآن، يستجوب الرئيس السابق الموريتاني حول عدة قضايا معقدة وشائكة بينها الملف العقاري، ويتضمن منح مساحات من الحي الصناعي والتجاري، واتفاقية شركة النجاح لإنجاز المطار الجديد، وصفقة رصيف الحاويات في ميناء نواكشوط، وعمليات منح القطع الأرضية في المدينة، فضلاً عن الاقتطاعات الريفية.
ووصفت هيئة دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز “ظروف احتجازه لدى إدارة الأمن بأنها مهينة، حيث تمت مصادرة جواز سفره وساعته ونظاراته ووضع في غرفة ضيقة مكتظة بالبعوض”.
وأكدت في مؤتمر صحافي مساء الخميس أن ولد عبد العزيز أكد لهم خلال لقائهم الأول به أن الشرطة “أجلسوه في غرفة ضيقة قذرة، لا فراش فيها، ولا ماء ولا تكييف، وأن الغرفة مكتظة بالبعوض، وظل كذلك حتى الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً”، وفق البيان.
وأوضحت الهيئة أنه في اليوم الموالي لتوقيف الرئيس السابق “جاء عشرة ضباط من الشرطة بقيادة المدير العام المساعد للأمن لاستجوابه، في غياب محاميه، وفي الظروف السيئة المذكورة نفسها” مؤكدين “أنه رفض الرد على المحققين”حسب البيان.
إلى ذلك، أكدت هيئة دفاع ولد عبد العزيز أن “هذه الوقائع تظهر بجلاء مشكلة الحريات والعدالة واستقلال القضاء في موريتانيا، والالتفاف عليها لغير صالح الموقوف” على حد تعبير البيان.
وأكد وزير الخارجية الأسبق، إزيد بيه، وهو أحد مناصري الرئيس السابق في تدوينة عن العام الهجري الجديد، “أن السنة الهجرية الجديدة 1442، تبدأ في ظروف دقيقة على الصعيد الوطني، حيث يتم في ظروف مأساوية “احتجاز” رئيس الجمهورية السابق السيد محمد ولد عبد العزيز لدى الشرطة السياسية للنظام في تحد سافر للقوانين الموريتانية ذات الصلة، هذه القوانين التي تؤكد صراحة، حسب قوله، من بين أمور أخرى، أنه لا تمكن محاكمة رئيس سابق إلا إثر ارتكابه لأخطاء ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى، وتتم محاكمته (حصرياً) في هذه الحالة من طرف محكمة سامية، أما ما عدا ذلك فظلم وظلمات”.
وقال: “على صعيد آخر، فإن هذا الشكل من المعاملة اللاإنسانية يتعارض رأساً مع الثقافة والأخلاق والأعراف التي ظلت تجمع الشعب الموريتاني بكل مكوناته عبر التاريخ، كما يتعارض مع مواثيق دولية محددة وصريحة وافقت عليها الدولة الموريتانية وتعهدت باحترامها”.
وأضاف: “أوجه نداء إلى رئيس الجمهورية الحالي الذي تعود إليه المسؤولية القانونية والأخلاقية فيما يتعلق بصون الحريات الفردية والجماعية والذي أدى القسم الدستوري بهذا الخصوص على مرأى ومسمع من الجميع، أن يأمر مرؤوسيه في الجهاز التنفيذي من نيابة عامة وجهاز شرطة، أن يطلقوا فوراً سراح الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأن يعتذروا له. كما أُعيد هنا اقتراح لطالما تقدمت به ويتعلق بفتح قناة حوار مباشرة بين الشريكين السابقين في الحكم خلال “العشرية” لحلحلة إشكال “المرجعية” على نار هادئة”.
وويواصل الموريتانيون متابعة مجريات التحقيق مع الرئيس السابق وأقربائه وأعوانه، وهم ينتظرون على أحر من الجمر ما ستؤول إليه محاكمته التي يسميها بعضهم “محاكمة القرن”.