نظرة فاحصة ! 

ثلاثاء, 09/04/2018 - 09:28

 

حينما أخذ ولد عبد العزيز السلطة ، وآتَته الفرصة مجانا ليتجاوز منطق الرفض أو  القبول الجماهيري  على أرض الواقع.. ليحكم هذا الشعب  الشعب الساذج بكل بساطة  ويمارس عليه سياسة التصديق بعدما أرهقته سياسة  التجهيل  على  مسار الأنظمة السابقة ..وليمرر أهدافه وركائز حكمه بطريقة ممنهجة  دونما أن يٌثير ذلك أي إنتباه .. ربما لأنه في السياسة لا تشكل الأمور الغير منطقية  أي  عقبة  .. كما أنه من حسن بعض الرؤساء أن الناس  لا يفكرون .. ربما إلى يوم  يبعثون !

أخذ الوافد الجديد..القديم.. على ظهر دبابة ذات البطاريات المنتهية ..الصلاحية .. حاسبة ذكية للإحتواء  على أحاسيس  الجماهير  من خلال المرور والدق   على الباب الكبير ' محاربة الفساد '    الذى تنزف جروحه نزفا .. وعلى الرغم من الامر لا يتطلب بطلا ويستطيع أي طباخ عسكري معالجته .. إلا أنه  لجأ إلى أنواع الضمادات السياسية وماء أكسجينها للمعالجة والتغطية    ، وقد نجح أيما نجاح في معرفة  فن التأثير  على مخيلة الجماهير .. وقد لعبت آنذاك  الشعارات  الكاذبة  دورا بارزا واللقاءات التلفزيونية  .. كما أن الاعلام الأجير كان له دوره الفعّال  في توصيل المعلومات المغلوطة  من اجل ان يضفي على الشخصية نوع من الجدية  والبهاء ..ضرب بقوة عصافير الفساد   بحجر واحد لم يكن ابسط المواطنين حتى في خياله الخصب  يتصور  ان تلمسهم ذبابة عابرة .. فكيف إذا أحالتهم شرطة الرقابة المالية  والاقتصادية  إلى النيابة العامة ومنها إلى السجن .. وهؤلاء من أقرباء الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع وكان من بينهم الشريف ولد عبد الله رئيس مجلس إدارة بنك باميس وعبدو محم تاجر ومحمد ولد انويكظ المدير العام للبنك الوطني  لموريتانيا .. هؤلاء عارضوه ودعموا منافسه احمد داداه آنذاك .. بسبب ذلك تم إحياء التهمة وهي الضلوع فى ملفات فساد كبيرة عاشوها  زمن الحكم السابق وقد شملت هذه التهمة أسماء أخرى كان على واجهتهم المحافظ السابق للبنك المركزي سيد المختار ولد الناجي الذى أحيل هو الآخر إلى السجن   .

أستطاع هذا القادم  - بعد إعتقال هذه المجموعة - أن يلفت الإنتباه ويبرهن على جدية أهدافه ، وهو بهذا التصرف ..  أكتسب  شعبية واسعة في صياغ عرضه الواقعي أوائل عهده ، ورغم أنه  كان هناك سجال  واضح  فى جدية نواياه بإعتبار أنها مجرد تصفية حسابات .. غير ان هذا وان كان هو الحقيقة الا انه لم يرى النور آنذاك لإفتقادة مراكز  القوة .. واصل العزف على نفس  السيمفونية  فكسر الحواجز الاجتماعية  عبر الثقة بالنفس  فأقتاد طواعية رجل الاعمال ولد بوعماتو - الذي أتهم في السابق  من معارضي النظام بالإستيلاء  على صفقات عمومية - إلى غرف التحقيق ليمضي ليلة ليست بالبيضاء .. بعد أن كان من اول الداعمين له عقب الإنقلاب على اول رئيس مدني منتخب ، كما أنه ظهر بقوة  في دعمه له فى  حملة  الانتخابات سنة  2009   وكان عاملا  اساسيا  في حشد التأييد الدولي خلال فترة الانقلاب العسكري .. عندها أختلطت الأوراق على المراقبين الجادين والفاعلين السياسيين .. فثمة أسئلة أعدادها مركبة  وقياسها لايعتمد على أي قواعد .. فإذا كانت مبررات سجن المجموعة الأولى بحجة الفساد و لم تلبس لبوس معارضتهم له .. تٌرى ما هي الحجة الميتافيزيقية التى جعلت ولد عبد العزيز يتناسي بتلك السرعة القاتلة لولد بوعماتو .. إذن فما هو الثمن الذى جناه الرجل من دعمه ؟ 

تساؤلات كثيرة برزت في تلك الفترة التى بدأت مظلمتها تتسرب إلى ذوائب القوم  ، وأخذت الأشجار تفرش  غلالات ناصعة السواد ..ما لبثت أن تحولت إلى زرقة تغمز بياض الجبال...... عجز القوم عن تفكيك تلك الأقواس   غير أن هؤلاء غاب عنهم أن التقويم فى سيكولوجية القائد الذى يظهر فى فترة وظروف معينة لا يخضع بأي  حال من الأحوال لمتغيرات القيادة بسبب النرجسية وحب الأنا التى تبدأ على شكل دائرة مغلقة وتنتهي بالاحداث والتصرفات الغريبة.. لذا تعمق الخلاف بين الرجلين في 2011 .. غادر بوعماتو إلى المغرب وكان القرار ذكيا .. فقد قرأ الرجل قراءة متمكنة  نوايا الرجل الآخر  ! 

تأخر ولد عبد العزيز كثيرا فى فهم لعبة قانون الشطرنج التى وضعها بنفسه على طاولته المفضلة ... وفى فهم حركة أحصنتها .. لذا غاب عليه أن ولد بوعماتو فهمه  .. وكانت آخر مكالمة بين الرجلين ..... يتواصل

 احمد غالى