
(الإعلام نت):
سيدي محمد مرزوگ شابت ولدانه في الصناعة التقليدية،حيث بدأ في ممارستها منذ أكثر من ثلاثين سنة في مدينة أطار بالشمال الموريتاني،ويعتمد في رزقه على ما تجود به أنامله من أدوات ومنتجات يتفاوت الإقبال عليها بين الفترة والأخرى،غير أنه مع ظهور كوفيد 19 انقطع رزقه من الصناعة التقليدية حسب تعبيره إذ يقول:
"ولاية آدرار من الولايات التي تعتمد بعد الزراعة على السياحة بامتياز،وقد فتحت الأخيرة أمام السكان المحليين الكثير من أبواب الرزق،ولأنه لا عمل لدينا سوى هذه الصناعة التي نحرص أثناء إنتاجها على أن تكون جاذبة للسياح،حيث يدفعون سخيا لقاء الحصول عليها،وبعد أن توقفت جميع الرحلات الجوية القادمة لموريتانيا بدواعي الاحتراز والوقوف دون تفشي الوباء،لم تعد بضاعتنا تعرف أي نوع من الإقبال،وهو ما يعني غياب الدخل،مع أمل أن تسهم الدولة في التخفيف من تبعات تلك الفترة".
في موريتانيا تعد الصناعة التقليدية من الموروث الثقافي الذي تعمل الحكومة الموريتانية على أن يبقى حيا يروي حقبة من تاريخ الإنسان،موريتانيا التي تجذب بمعالمها السياحية ومواقعها الأثرية و كثبانها الرملية ومناخها الصحراوي السياح الذين يفدون فيدفعون بعجلة الاقتصاد،من خلال الرحلات التي تحط بمطار مدينة أطار،قبل أن تتوقف ضمن حزمة من الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا.
محمد الأمين أحد المستثمرين الذين وجهوا اهتمامهم صوب السياحة،يتحدث عن تبعات كورونا وتأثر نزله الواقع بمدينة شنقيط التي تعد من المدن الموريتانية التاريخية،واصفا الوضع بالصعب،ومطالبا بدراسة تُمكن من عودة الألق للسياحة،بعد أن فقدته حسب تعبيره أثناء كورونا مضيفا:
"معلوم أن الإقبال على النزل وأماكن الراحة يبلغ ذروته في المواسم السياحية،وخاصة عند إقبال الأجانب على موريتانيا،فالسياحة الداخلية ضعيفة جدا،ومع مرور كل هذه الفترة فإن النشاط لم يعد كما كان،وهنا نطالب الدولة بخط جوي يربط البلاد بأي دولة من دول أوروبا،فمن شأن ذلك أن يبعث الروح في السياحة من جديد وأن يسهم في التخفيف من وطأة الجائحة،خاصة أن فئة عريضة من الأجانب تسكنها الرغبة في زيارة موريتانيا والوقوف ميدانيا على التراث القائم حتى بعد مرور كل هذه السنوات".
موريتانيا كبلد لا ترقى فيه السياحة الداخلية للمستوى المطلوب حسب المستثمرين في المجال،فإن توقف الرحلات الجوية أسهم إلى حد ما في انتعاش الأخيرة،وإن كانت عائداتها محدودة،في وقت تؤكد حياتي أبوه وهي صاحبة نزل بمدينة أطار ضرورة تدخل الجهات المختصة مضيفة:
"يجب أن تكون هناك لفتة من طرف الدولة لدعم المستثمرين في قطاع السياحة،خاصة أن تأثر أصحابه كان بالغا،والجميع يدرك مدى استفادة السكان المحليين من هذا النشاط،الذي يتيح الكثير من الفرص في موسمه،ومنه اكتسب الكثير ثقافة العمل ونبذ الاتكال،وإن غياب الرعاية من لدن الجهات المختصة يعني إهمال فئة عريضة من المواطنين واجهت الوباء وتعاني من تبعاته حتى اللحظة".
انطلاقا من أهميتها فقد أنشأت الحكومة الموريتانية مكتبا وطنيا للسياحة،بهدف التعريف بالمقدرات السياحية على المستوى المحلي والدولي،وجذب اهتمام السياح لزيارة موريتانيا في المواسم السياحية،وعن تأثر النشاط الاقتصادي الناتج عن السياحة يعلق الباحث في مجال الاقتصاد والدكتور حمادي رابح:
"منطقة الشمال منطقة جذب سياحي لما حباها الله به من مناظر ومقدرات سياحية،إلى جانب المتاحف التي تحفظ تاريخا يعود للعصور القديمة،وعندما ظهر كورونا ظهرت تبعاته جلية على السكان المحليين،الذين يعتمدون على السياحة كمصدر دخل،وهنا تأثرت بكل تأكيد القوة الشرائية للمواطن،وإن كان النشاط بدأ يعود تدريجيا فإنه بشكل خجول"
مع بداية عودة الحياة لطبيعتها السابقة تدريجيا،واستئناف الرحلات الجوية،استقبلت موريتانيا أول فوج سياحي ديسمبر 2021 مكون من 140 سائحا،على أن تتوالى بعد ذلك الرحلات السياحية المبرمجة في ذات الموسم،وفي إطار سعيها للتعريف بهوية موريتانيا وتاريخها،أنشأت فاطمة امبيريك بمدينة ودان التي تصنف اليوم ضمن التراث العالمي نزلها المتواضع حسب قولها،وهو الذي يمتد وجوده من تراث البلد،حيث الخيم والأدوات الموريتانية التقليدية،وتجيب حول السؤال عن الاهتمام بالقطاع والتأثيرات التي خلفها الوباء العالمي بالقول:
"هذا القطاع حيوي وفائدته جلية على الدولة والمواطنين على حد السواء،غير أنه لم يحظ بالعناية المناسبة،والمنشآت التي تم الاستثمار فيها أغلقت من اليوم الأول بعد توقف الرحلات الجوية،ونظرا للظروف الاقتصادية غابت عن مجملها الصيانة،وهو الأمر الذي انعكس سلبا بكل تأكيد،حيث لم نملك كمستثمرين غير الصبر والانتظار".
تراهن بلدان العالم على السياحة في مسيرتها صوب التقدم والازدهار والدفع بعجلة الاقتصاد،وإن توجيه المزيد من الرعاية صوب المقدرات السياحية قد يحدث الفارق حسب مهتمين،ويخفف من وطأة الجائحة على المستثمرين في ذات القطاع.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.
.jpg)



