صحفي موريتاني يكشف أسرار خطيرة عن مجلة جون أفريك(تدوينة)

اثنين, 08/02/2021 - 12:23

ينقسم الإعلام الفرنسي إلى ثلاثة أقسام : الإعلام الجاد والإعلام المتوسط والإعلام الرديئ. وفي الدرك الاسفل من الإعلام الرديئ، غير بعيد من القاع، توجد مجلة "جون آفريك" التي تتخذ من العاصمة باريس مقرا لها.

لن أطيل على متابعي الصفحة بتاريخ ونشأة هذه الجريدة، فتلك معلومات متوفرة على محركات البحث، بل سأتعدى مباشرة إلى ما آلت إليه اليوم، حيث لم تعد مجلة تهتم بالتحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في افريقيا، وإنما أصبحت ماكنة لتلميع الرؤساء والملوك مقابل مبالغ يتم جمعها في الخفاء، وبطرق ملتوية سأشرحها لكم وبالتفصيل الممل.

يتم ذلك على مراحل :

- تعلن المجلة أنها ستقوم بإصدار "نيمرو سبيسيال" عن موريتانيا مثلا، والهدف من ذلك جس النبض والتهديد المبطن.

- أيامًا بعد ذلك يتم إيفاد إحدى مسؤولات المبيعات إلى نواكشوط، وعادة تكون إحدى الفتيات الجميلات من أصول آسيوية، مثلا مستعمرات فرنسا في جنوب شرق آسيا سابقا (فييتنام، لاووس أو كمبوديا) وتبدأ في التواصل مع جميع المسؤولين والوزراء ومديري شركات القطاعين العام والخاص.

- في هذه الحملة يتم استخدام وسائل الترهيب، حيث تقول للمسؤول-الزبون : "هنالك احتمال كبير أن يحتوي العدد على مقابلة مع رئيس الجمهورية، ومن المؤكد أنه سيقرأ المجلة، هذه فرصتك لتلميع صورتك وتعداد إنجازاتك" ثم الترغيب، إذ أن لديهم ثلاث فئات 
Gold, silver & bronze
وطبعا تتفاوت الأسعار حسب عدد الصفحات التي يتم اقتناؤها وكذلك مسافتها من الصفحات التي تحتوي على مقابلة الرئيس. ولكي يتم إقناع "الزبون" باقتناء أغلى الصفحات تقول له الحسناء : "إذا أخذت السعر المرتفع gold يمكننا أن ندفع لك كوميسيوه" وقد يصل الحد إلى إقامة علاقة حميمية ولدي نماذج من رسائل الواتساب والإيميلات بين إحدى فاتنات "جون آفريك" ومسؤولين موريتانيين، توحي بما لا يدع مجالا للشك بمواعيد غرامية.

- أخيرا يتم إخراج العدد المنشود، الذي تم بيع الصفحة الواحدة منه ما بين 7 إلى 12 مليون أوقية. حيث يتم تحصيل ما يناهز نصف مليون يورو من كل عدد مخصص لدولة. ويتم تكرار هذه الاستراتيجية مع جميع دول افريقيا. في إحدى المرات حضرت مكالمة بين إحدى المبعوثات ورئيس التحرير فرانسوا سودان قال لها بالحرف الواحد : "جاءتني للتو نتائجك في الشهر الماضي في نجامينا. ماذا حدث ؟ 200 ألف بالكاد ؟ أرجو أن تقومي بتصحيح الغلط وهذه فرصتك الاخيرة".

سألتها إذا كان يتحدث عن عدد القراء فأجابت ضاحكة "كم أنت ساذج صديقي العزيز، إنه يتحدث عن اليورو. منذ متى يعير فرانسوا أدنى اهتمام للقراء؟".
Tu es vraiment naïf cher ami. Il parle des sous. Depuis quand François s’intéresse aux lecteurs ?

- قديما كان الرئيس ولد الطائع ينفق بسخاء على هذا النوع، حيث وزع الكثير من رخص الصيد على الصحافة الفرنسية بما فيها "جون آفريك" كما سبق وأن أهدى قطعة أرضية لاتقدر بثمن، على الشاطئ شمال نواكشوط للصحفي كلود سريون، قام الأخير ببيعها لأحد رجال الاعمال الموريتانيين.

- ولكن مؤخرا بعد تراجع العائدات تم توسيع دائرة الدول التي تصطاد فيها حسناوات "جون أفريك"، حيث باتت تشمل الدول الافريقية الناطقة بالانجليزية، مع العلم أنه كلما كانت الديموقراطية أقل تجذرا، كلما كبرت الحاجة للأعداد التلميعية.

بهذه الطريقة تقوم هذه الماكنة الاعلامية بجني ملايين اليوروهات على ظهور الشعوب الافريقية، التي يقوم مسؤولوها بالدفع خوفا من رؤساءهم وطمعا في استدرار عطف الرأي العام الفرنسي، علما أنه لا أحد في فرنسا يعلم بوجود "جون آفريك" ما عدا المهاجرين من أصول افريقية !

يتم هدر طاقات وموارد هامة من أجل مقابلة مع جريدة "جون آفريك"، وهي جهود لو تم تخصيص جزء يسير منها للصحافة الوطنية الجادة (تمكينا وتأطيرا وتمويلا) لكانت النتيجة أضعاف أضعاف ما تم تحقيقه مع "جون آفريك" وأخواتها منذ عشرات السنين.

شخصيا لن أقوم بتضييع وقتي في التعليق على هذه المقابلة وأربأ برئيس الجمهورية أن يقوم بتضييع وقته الثمين مع هذا النوع من "الصحافة".

 

من صفحة الصحفي الموريتاني الحسن لبات